سورة الأحزاب - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحزاب)


        


قوله عز وجل: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامُنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِيِّ إلاَّ أَن يُؤذَنَ لَكُمْ} سبب نزل هذه الآية ما رواه أبو نضرة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بنساء من نسائه وعندهن رجال يتحدثون، فكره ذلك وكان إذا كره الشئ عُرف من وجهه فلما كان العَشي خرج فصعد المنبر فتلا هذه الآية.
قوله عز وجل: {إِلَى طَعَامِ غَيْرَ نَاظِرينَ إِنَاهُ} فيه تأويلان:
أحدهما: غير منتظرين نضجه، قاله الضحاك ومجاهد.
الثاني: غَيْرَ متوقعين لحينه ووقته، قاله قتادة.
{وَلكِن إذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُواْ} فدل هذا على حظر الدخول بغير إذن
{فَإذَا طَعِمْتُمْ فآنتَشِرُواْ} أي فاخرجوا، فدلّ على أن الدخول للأكل يمنع من المقام بعد الفراغ من الأكل.
{وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} روى أبو قلابة عن أنس. قال: لما أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زينبُ بنت جحش وضع طعاماً ودعا قوماً فدخلوا وزينب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلوا يتحدثون وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج ثم يرجع وهم قعود فأنزل الله تعالى: {فَإذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُواْ}.
قوله عز وجل: {فَيَسْتَحْي مِنكُمْ} يعني النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبركم.
{وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْي مِنَ الْحَقِّ} أن يأمركم به
{وَإذَا سَألْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً} فيه ثلاثة أوجه
أحدها: حاجة، قاله السدي.
الثاني: صحف القرآن، قاله الضحاك.
الثالث: عارية، قاله مقاتل. ومعانيها متقاربة.
{فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ} أمرن وسائر النساء بالحجاب عن أبصار الرجال وأمر الرجال بغض أبصارهم عن النساء.
وفي سبب الحجاب ثلاثة أقاويل:
أحدها ما رواه مجاهد عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت آكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيساً في قعب، فمر عمر فدعاه فأكل فأصابت إصبعه إصبعي فقال عمر لو أُطَاعُ فيكن ما رأتكن عين، فنزلت آيات الحجاب.
الثاني: ما رواه عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إلى المباضع وهي صعيد أفيح يتبرزن فيه، وكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: احجب نساءك يا رسول الله، فلم يكن يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة ليلة من الليالي، وكانت امرأة طويلة فناداها بصوته الأعلى: قد عرفناك يا سودة، حرصاً أن ينزل الحجاب قالت: فأنزل الله تعالى الحجاب.
الثالث: ما روى ابن مسعود أن عمر رضي الله عنه أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالحجاب فقالت زينب بنت جحش: يا ابن الخطاب إنك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا، فأنزلت الآية: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حَجَابٍ}.

{ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقُلُوبِهنَّ} يحتمل وجهين
أحدهما: أطهر لها من الريبة.
الثاني: أطهر لها من الشهوة.
{وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤُذُواْ رَسُولَ اللَّهِ وَلآَ أَن تَنكِحُواْ أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً} حكى السدي أن رجلاً من قريش من بني تميم قال عند نزول الحجاب أيحجبنا رسول الله عن بنات عمنا ويتزوج نساءَنا لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه من بعده، فأنزلت هذه الآية. ولتحريمه تعديهن لزمت نفقاتهن من بيت المال.
واختلف أهل العلم في وجوب العدة عليهن بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهن على وجهين:
أحدهما: لا تجب عليهن العدة لأنها مدة تربص ينتظر بها الإباحة.
الثاني: تجب لأنها عبادة وإن لم تعقبها إباحة.


قوله عز وجل: {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِّي ءَابَآئِهِنَّ وَلآ أَبْنَآئِهِنَّ} فيه قولان
أحدهما: لا جناح عليهن في ترك الحجاب. قاله قتادة.
الثاني: في وضع الجلباب، قاله مجاهد.
{وَلاَ إخْوَانِهِنَّ وَلآَ أَبْنَآءِ إخَوَانِهِنَّ وَلآ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ} قال الشعبي لم يذكر العم لأنها تحل لابنه فيصفها له.

{وَلاَ نِسَآئِهِنَّ} فيه وجهان
أحدهما: يعني النساء المسلمات دون المشركات، قاله مجاهد.
الثاني: أنه في جميع النساء.
{وَلاَ مَا مَلََكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} فيه قولان
أحدهما: الإماء دون العبيد، قاله سعيد بن المسيب.
الثاني: أنه عام في الإماء والعبيد. واختلف من قال بهذا فيما أبيح للعبد على قولين:
أحدهما: ما أبيح لذوي المحارم من الآباء والأبناء ما جاوز السرة وانحدر عن الركبة لأنها تحرم عليه كتحريمها عليهم.
الثاني: ما لا يواريه الدرع من ظاهر بدنها، قاله إبراهيم. لأنه العبد وإن حرم في الحال فقد يستباح بالعتق في ثاني حال. وسبب نزول هذه الآية ما حكاه الكلبي أنه لما نزل في آية الحجاب {وَإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مَن ورَآءِ حَجَابٍ} قام الآباء والأبناء وقالوا يا رسول الله نحن لا نكلمهن أيضاً إلا من وراء حجاب، فنزلت هذه الآية.


قوله عز وجل: {إنَّ اللَّهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} فيه ثلاثة أقاويل
أحدها: أن صلاة الله تعالى عليه ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء، قاله أبو العالية.
الثاني: أن صلاة الله تعالى عليه المغفرة له، وصلاة الملائكة الاستغفار له، قاله سعيد بن جبير.
الثالث: أن صلاة الله تعالى عليه رحمته، وصلاة الملائكة الدعاء له، قاله الحسن، وهو معنى قول عطاء بن أبي رباح.
الرابع: أن صلاتهم عليه أن يباركوا عليه؟ قاله ابن عباس.
{يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلَّمُواْ تَسْلِيماً} روى عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى. قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله قد عرفنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ فقال: «قُولُواْ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صلَيتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آل إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ. اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ».
قال أبو العباس ثعلب: معنى قولنا اللهم صل على محمد أي زد محمداً بركة ورحمة، ويجري فيه التأويلات المذكورة.

وقوله تعالى: {وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} يحتمل وجهين:
أحدهما: سلموا لأمره بالطاعة له تسليماً.
الثاني: وسلموا عليه بالدعاء له تسليماً أي سلاماً.
حكى مقاتل قال: لما نزلت هذه الآية قال المسلمون فما لنا يا رسول الله؟ فنزلت {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلآَئِكَتُهُ} الآية.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12